مصير مجهول يواجه أشهر فندق في سوريا بعد قرن ونيف على افتتاحه ( فيديو )

٠٥ أبريل ٢٠١٩ 22275 المشاهدات
الإعلانات

يبدو مصير فندق "بارون" في حلب معلقا بعدما أرخت الحرب بظلالها على أشهر الفنادق السورية وأقدمها فهو خال تماما من الزبائن والزوّار بعدما استقبل قادة دول ومشاهير.

توقفت غرف وقاعات الفندق عن استقبال الزبائن والزوّار منذ سبع سنوات بعدما شهدت مرور الكاتبة البريطانية أغاتا كريستي والمغني الفرنسي شارل أزنافور والملياردير الأميركي روكفلر والرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول.

فقد عرفت المدينة الواقعة في شمال سوريا معارك عنيفة بين القوات السورية وفصائل المعارضة المسلحة بين العامين 2012 و2016.

تجلس روبينا مظلوميان وحيدة في البهو بعد وفاة زوجها صاحب الفندق أرمين مظلوميان مطلع العام 2016.

وفيما تتأمل الجدران المهترئة والأسقف القديمة تقول لوكالة فرانس برس "لا أدري ماذا سنفعل بهذا المكان العريق، فهذا الفندق أصبح اليوم مادة للصحافة لا أكثر، ولم يعد صالحا لاستقبال الزوّار ولا الأصدقاء (...) لم يبق في الفندق سوى عاملين اثنين وأنا وهذا الكلب الصغير".

يطالع الزائر عند المدخل درج طويل يتفرّع يميناً وشمالاً يؤدي كل طرف منهما إلى جزء من أجزاء الفندق. تبدو آثار الإهمال واضحة فثمة أثاث مهترئ وأسلاك متروكة وحاجات مبعثرة فيما يغرق البهو المؤدّي إلى الغرف في الظلمة بعدما تعطّلت الكهرباء ولم يصلحها أحد.

وأسس فندق "بارون" في العام 1911 جد أرمين مظلوميان وهو يحوي اليوم 48 غرفة كلها مغلقة إلا تلك التي تنام فيها روبينا.

وكانت منطقة الفندق واحدة من المناطق الراقية التي تقطنها العائلات الثرية في حلب، لكنها تحوّلت خلال سنوات الحرب إلى خطّ تماس بين الجيش السوري وفصائل المعارضة، ولا تزال آثار المعارك وبعض القذائف على الجدران والسقف.

لكل غرفة حكاية

تجول روبينا في أرجاء الفندق وتمسك بيدها حمّالة تحوي عدداً من المفاتيح النحاسية الكبيرة، وتقارن بين الماضي والحاضر وتقول "على هذا الدرج كان يفرش السجاد الأحمر ليمرّ عليه كبار الزعماء مثل الملك فيصل والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والرئيس السوري السابق حافظ الأسد (عندما كان وزيراً للدفاع حينها) والكاتبة أغاتا كريستي، أما اليوم فالدرج مهمل والأبواب الخشبية مغلقة".

وتقول بعدما أشارت إلى الغرفة رقم 203 "هنا أقامت الروائية البريطانية أغاتا كريستي في ثلاثينات القرن الماضي وكتبت روايتها الشهيرة +موردر أون ذي أوريانت إكسبرس+ (جر. يمة في قطار الشرق)".

وقد حوّلت مظلوميان غرفة كبيرة في البهو إلى مكان تعيش فيه ووضعت فيه مدفأة وطاولة وبعضاً من أغراضها الشخصية. وهي لا تملّ من الحديث عن الماضي الذي شهده المكان وهي تقلّب صفحات كتاب يحوي صور المشاهير الذين زاروا الفندق.

تصعد مظلوميان إلى الطابق الثاني حيث الجناح الملكي وغرف أخرى لكل منها حكاية بعدما مكث فيها أحد المشاهير. وقد تركت الكثير من التفاصيل على حالها، كأغطية الأسرة ومقتنيات النزلاء الشخصية والكراسي الخشبية التي جلس عليها أمراء ورؤساء.

وصمد هذا الفندق أكثر من مئة عام شهد خلالها الاضطرابات والصراعات التي دارت في البلاد.

وتحوّل الفندق في فترة العقد الأخير (20002011) إلى ما يشبه المتحف، يقصده بعض الكتّاب والأدباء والفضوليين لمعاينة غرف المشاهير الذين تعاقبوا عليه.

وهو توقف عن استقبال الزوّار بشكل كامل في تموز/يوليو 2012، عندما احتدم الصراع في مدينة حلب، ليتحول في العام 2014 إلى مركز إيواء للاجئين الهاربين من ويلات الحرب، وأخيراً إلى مكان خال من الحركة والناس والزوّار.

مصير مجهول

يطول صمت مظلوميان حين تُسأل عن مستقبل الفندق وتتردّد في الإجابة وتتلعثم لتقول أخيراً "لا أعرف، لا يزال مصيره مجهولاً". وهي لا تخفي رغم ذلك احتمال بيعه، إذ إنها تعجز عن الاعتناء به وتوضح "أنا امرأة كبيرة في السن وليس لدي القدرة على متابعة إدارة الفندق (...) أعتقد أنه من الطبيعي أن ينتقل إلى أشخاص آخرين بعد الاتفاق مع بقية الورثة".

ترتسم ملامح الحزن على وجه الستينية حين تدخل الطرف المقابل لغرفتها الذي كان مخصصاً للحفلات والسهر وتشرح بأسى "لم يبق اليوم في الفندق إلا ثلاث كؤوس وستة فناجين قهوة (...) لقد سرق الكثير منها وتضرّر الكثير أيضاً، من المؤسف أن تحصل هكذا أحداث لهذا المكان العريق".

تقف مظلوميان قرب بيانو خشبي قديم لم يعزف عليه أحد منذ فترة طويلة وتقول "كان الفندق مكاناً يلتقي فيه كبار الشخصيات وتكتب فيه أحداث تاريخية (...) كان مليئاً بالصخب والضحك على أنغام الموسيقى أما اليوم فقد عمّ الصمت في المكان".

وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس)

* النص كما ورد في النسخة العربية للوكالة

الإعلانات
الإعلانات