3 سنوات قضاها "عماد أبو راس" (30 عامًا) في سجون النظام السوري، عانى خلالها من أساليب تعذيب وحشية تنوعت من فرع مخابرات إلى آخر.
"أبو راس" قال للأناضول إنه جرى اعتقاله نهاية 2012، عقب مشاركته في مظاهرات سلمية بمدينته حلب (شمال) ومدينة اللاذقية، حيث كان يدرس الاقتصاد في جامعتها.
بتهم التحريض على التظاهر والإرهاب وحمل السلاح، اعتُقل "أبو راس" في مطار حميميم باللاذقية، حين كان مطارًا مدنيًا قبل أن يتحول إلى قاعدة عسكرية روسية.
** من اللاذقية إلى صيدنايا
لمدة أشهر، تنقل بين أفرع المخابرات التابعة للنظام، حيث عانى من تعذيب شديد، قبل أن يُنقل إلى سجن صيدنايا، ليكمل "جلادو" السجن مهمة التعذيب التي بدأها رفاقهم في أفرع المخابرات.
وقال الشاب السوري إنه اعتُقل في فرع المخابرات الجوية باللاذقية لمدة 9 أيام، ثم نُقل إلى فرع المخابرات الجوية في حمص (وسط)، وظل هناك 8 أيام، وبعدها جرى تحويله إلى إدارة المخابرات الجوية العامة في حي المزة بدمشق.
وأضاف أنه بعد أن قضى 3 أشهر ونصف في إدارة المخابرات الجوية بالمزة، تم تحويله إلى القضاء العسكري، وأحاله القاضي بدوره إلى محكمة الإرهاب، ثم أُدع بسجن صيدنايا، في مايو/ آيار 2013.
** "الدولاب" و"القارص"
وفق "أبو راس" فإن كل فرع مخابرات من الفروع التي مر بها له طريقته الخاصة في التعذيب، فالضرب في فرع حمص كان هجميًا عشوائيًا بعصي كبيرة، دون التركيز على نقطة محددة من الجسم، مع تعمد إحداث أذى دائم في المعتقل.
أما في الإدارة العامة بدمشق، كما أضاف، فكان التعذيب أكثر احترافية، حيث يتم التركيز على نقاط محددة في الجسم تسبب ألمًا شديدًا من دون إحداث أذى مستدام.
وتابع: في سبيل ذلك يتم استخدام أدوات معينة، مثل قضيب السيلكون السميك، بحيث يلسع الجسم بشدة لدى ضرب المعتقل به، إضافة إلى التفنن في عملية الشبح (تعليق المعتقل في سقف غرفة).
وأوضح أن جميع أسنانه تكسرت من التعذيب في فرع المخابرات بحمص، وتم شبحه في الإدارة العامة بالمزة، حيث علقوه في السقف ورفعوه نحو 30 سنتيمترًا عن الأرض، ووضعوا تحت قدميه سخان كهربائي حتى بدأ الجلد أسفل قدمه بالذوبان.
وحول التعذيب في سجن صيدنايا، قال "أبو راس": "في صيدنايا كان الموضوع مختلف، فهو مشهور بالدولاب والقارص، وهما أدتان معروفتان بين المعتقلين في هذا السجن حتى قبل الثورة (بدأت عام 2011 ضد نظام بشار الأسد)، حيث يتم إلقاء المعتقل على ظهره وطي قدميه وإدخال القارص بين قدميه، ما يشكل ألمًا لا يمكن وصفه".
** صعق بالكهرباء
عن أقسى تعذيب تعرض له، أجاب الشاب السوري بأنه "الصعق بالكهرباء، وقد اعترفت على إثره بالمشاركة في المظاهرات".
وأضاف أن "العصي الكهربائية، التي يمتلكها سجانو النظام، غير موجودة حتى في الأفلام، وتبلغ شدتها خمسة آلاف فولط".
وأوضح "أبو راس" أن التعذيب المتواصل الذي تعرض له هو وغيره أوصلهم في أحيان كثيرة إلى مرحلة فقدان الشعور، إلا أن الضرب على الرأس والأعضاء التناسلية كان دائمًا يؤرقهم.
واستطرد قائلًا إن أقسى عام مضى عليهم في سجن صيدنايا كان 2014، حيث لم يكد يمر يوم من دون وفاة معتقلين.. كنا نشكر الله على أي يوم يمر من دون أن يتوفى أحد من رفاقنا".
** عجوز تحت التعذيب
عن أقسى موقف شاهده في المعتقل، قال "أبو راس": "كان هناك شيخ في السبعين من عمره من مدينة داريا بريف دمشق، وكان معنا في مهجع طوله متر وعرضه مترين، وبه نحو 50 معتقلًا".
وتابع: "كان الشيخ ضعيف السمع وبطيء الحركة بحكم عمره، تأخر مرة في الحمام لثوانٍ، وعندما سأله الجلاد أجاب بأنه كان ينظف أسنانه الاصطناعية، فعاقبه الجلاد بأن جعله يلقي أسنانه في فتحة المرحاض، ثم أجبره على وضعها على فهمه من جديد، وأوسعه ضربًا".
وأرف: "عندما دخل المهجع كان ينزف من رأسه، ونحن شبه عراة، ولم نستطع أن نغطي جرحه بشيء.. كانت أصعب وأقسى لحظة عشناها.. كنا نبكي جميعًا ونتمنى أن نكون مكانه، فهو رجل مسن، وقد توفي فيما بعد".
** أضرار جسدية ونفسية
عن خروجه من سجون الظام السوري، قال "أبو راس" إنه بقي في سجن صيدنايا 29 شهرًا ونصف، وخرج في صفقة تبادل أسرى نهاية 2105، حيث تم إطلاق سراح 270 معتقلًا و20 معتقلة، وخرج بعدها إلى محافظة هاطاي جنوبي تركيا.
وبشأن حالته الجسدية والنفسية حينها، أوضح أنه خرج من المعتقل ووزنه 50 كيلو غرامًا، وفي جلد ظهره وقدميه تشوهات ستبقى إلى الأبد، إضافة إلى وضع نفسي صعب للغاية، خلال الأشهر الأولى.
وختم الشاب السوري بأن "مساندة أهلي وأصدقائي لي أخرجتني من الوضع النفسي، الذي عانيته بعد الخروج من السجن". (ANADOLU)