الإعلانات
تقاطر عدد كبير .من الرجال والنساء وانتظروا في صفين طويلين امتدا خارج مسجد في اسطنبول، لمشاهدة ما يُعتقد أنها بردة النبي محمد، أي العباءة التي كان يرتديها قبل أن يهديها لأحد تابعيه.
ويطلق على هذه العباءة أيضا اسم الخرقة الشريفة، وقد نقلت إلى اسطنبول في القرن السابع عشر في عهد السلطنة العثمانية التي كانت تسيطر آنذاك على معظم الأقطار الإسلامية بما فيها ما يشكل اليوم المملكة السعودية.
وفي شهر رمضان من كل عام تجهز العباءة في صندوق زجاجي في مسجد الخرقة الشريفة في اسطنبول استعدادا لاستقبال مئات الآلاف من الزوار.
وقالت نعمت شاهين البالغة من العمر 78 سنة "أتيت إلى هنا العام الماضي، وإن شاء الله سآتي في العام المقبل إن كنت على قيد الحياة".
أما نزيهة بولات البالغة من العمر 76 عاما فقالت إنها شعرت حين شاهدت العباءة أنها في مكة.
وأضافت "آتي إلى هنا كل سنة، وتنتابني المشاعر ذاتها. أسأل الله ألا ينزع مني هذه المشاعر"، قبل أن تنهمر دموعها.
أثناء حياة النبي، انتقلت البردة إلى أويس القرني، وهو من التابعين، أي الذين التقوا أصحاب النبي ولم يتلقوه، فقد أراد أويس لقاء النبي لكن مرض والدته حرمه من ذلك وأجبره على العودة إليها في اليمن.
ولما علم النبي بذلك، تأثر ببرّ أويس لوالدته، وأرسل البردة هدية له، كما تقول الروايات.
ولم يكن لأويس القرني أولاد يحفظون هذا الإرث فانتقلت البردة إلى أقاربه كما يروي مفتي اسطنبول حسن كامل يلماظ.
في العام 1611 نقل السلطان أحمد الأول الخرقة الشريفة من كوشاداسي في الغرب التركي، حيث كان أقارب أويس قد حفظوها، إلى اسطنبول.
ويضيف المفتي في حديث لوكالة فرانس برس "منذ ذلك الحين، ظلت الخرقة في اسطنبول".
في العام 1851 بنى السلطان عبد المجيد مسجدا باسم مسجد الخرقة الشريفة، لتُحفظ فيه البردة.
واليوم، توجد نسختان لمفتاح الصندوق الذي تحفظ فيه البردة، أحدهما مع المؤسسة المكلفة الحفاظ عليها، والثاني مع باريش سمير، وهو الحفيد التاسع والخمسون لأحد أقارب أويس القرني.
انتقلت عهدة البردة من جيل إلى جيل، وصولا إلى باريش الذي يقول "إنها مهمة مشرّفة، نحن سعداء لعرضها ونشعر أنها مسؤولية علينا".
في صف الانتظار، يقف رجل عجوز يرتدي لباسا تقليديا، ولا يبدو أن الانتظار الطويل يثنيه عما أتى لأجله.
ويقول بعد ما ظفر برؤية البردة "ما الذي يمكن أن يكون أهم من ذلك؟ لقد رأيتها قبل أن أموت".
وتعرب زهرة البالغة من العمر 48 عاما عن سعادتها الكبيرة أيضا، وتقول "أشعر أن مشاهدة هذه البردة تقرّبنا أكثر من صاحبها".
ويقصد البردة أكثر من مليون شخص من كل أنحاء العالم لمشاهدتها.
ويقول باريش سمير إن الزوار يأتون من كل العالم "من سيبيريا إلى إفريقيا، ومن أميركا إلى الشرق الأقصى، لمشاهدة بردة النبي".
ويضيف "العدد يزيد عن مليون، نتلقى الكثير من الزوار وخصوصا في ليلة القدر لأن العباءة تظل معروضة حتى الصباح".
ومن الزوار لقمان الحكيم البالغ 49 عاما والآتي من ماليزيا مع عشرين من أبناء بلده.
ويقول لمراسل وكالة فرانس برس "لا شك أن هذه البردة تجعلنا أقرب إلى النبي محمد".
ويضيف "إنها تشعرنا بالسعادة، وبأنه علينا أن نفعل شيئا لنكون أقرب إليه، أي أن ننشر الحب والعلم والفضائل التي أتانا بها". (AFP)
الإعلانات