مشهد غير مألوف في شارع الحمرا في بيروت؛ فرقة من الإناث والذكور في عرض شبه عسكريّ للحزب السوري القومي الاجتماعي، أما المناسبة فالذكرى الـ 35 لعملية "الويمبي" التي نفّذها خالد علوان ضد الجيش الإسرائيلي عام 1982.
مشهد أثار كثيرين في العاصمة رأوا أنّ شوارع المدينة باتت "مستباحة" من مؤيدي نظام بشار الأسد وسألوا عن رسائل حلفائه، علماً ان الاستعراض ليس الاول من نوعه لكنه عدّ الأضخم . المعارضون أطلقوا موجة امتعاض واستنكار عبّروا عنها من خلال "فايسبوك" رفضاً لإمعان "محور المقاومة" في استفزاز شركائهم في الوطن.
رسالة أساسيّة
ثلاث ساعات وشارع الحمرا مغلق أمام المارّة، رسائل عدّة تم توجيهها خلال المناسبة. وشرح عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حميّه لـ"النهار": "أُريدَ من احتفال الأمس الذي يتميز بجيل الشباب والفصائل الرمزية
للدفاع المدني، إيصال رسالة أساسية، هي أنّ بيروت التي دحرت الاحتلال الإسرائيلي وكانت فاتحة لتحرير البلد من اليهود، حاول البعض في فترة من الفترات تجهيل هويتها بأنها منصّة وطنية ومقاومة، وأكدنا أنّ هويتها يجب أن تبقى ثابتة وراسخة، ومن يؤكد هوية بيروت المقاومة يؤكد لبنان المقاوم ضمن محيطه العربي".
تكريم لأهالي بيروت!
حميّه عدّ مشهد الأمس "مميزاً ورائعاً" لافتاً إلى أنه "يعبّر عن نبض الناس وتمسكهم بالخيارات الوطنية والقومية"، لكن ألم يكن بالإمكان التعبير بطريقة لا تثير ريبة الآخرين؟ عن ذلك أجاب: "من حرر شارع الحمرا من الاحتلال اليهودي وجعل منه رمزاً للكرامة والعنفوان يحق له أن يغلق من أجله الشارع لبضع ساعات". وأضاف: "هذا تكريم لأهالي بيروت، فخالد علوان ابن المدينة التي
رفعت بنادقها ضد اليهود وقالت إنها عصيّة على الاحتلال". وعن امتعاض البعض من أسلوب تعبير الحزب، أشار: "هذا يتعلق بالخيارات السياسية الموجودة"، وختم: " "لم يعد هناك مجال بعد اليوم لبعضهم بالتنكر لبلد قاوم واستقام على نهج المقاومة، وعلى جميع اللبنانيين التوحّد حول الثلاثية الذهبية: شعب، جيش ومقاومة، فهي عنصر قوّتنا، ومن يخرج عنها لا يعمل لمصلحة الوطن".
مسار خطّه "حزب الله"
عدّ عضو كتلة "المستقبل" النائب عمّار حوري "أيّ مظهر خارج إطار الدولة مرفوضاً من أيّ مَن كان"، مكرراً المطالبة "ببسط الدولة سلطتها على كامل أراضيها وحصر السلاح بيديها"، قائلاً: "لن تغير محاولات الآخرين قناعتنا بأنّ الدولة هي وحدها المرجعية الصالحة"، وحلّل نائب الجماعة الإسلامية الدكتور عماد الحوت استعراض أمس بالقول: "في
لحظة استضعاف للدولة القائمة حالياً، يحاول عدد من الفرقاء أن يمارس هذا الاستضعاف أملاً أن ينال حصة أو مساحة ذاتية على حساب الدولة، هذا مسار خطّه حزب الله، توسع على حساب الدولة وأغرى فرقاءه به، ومنهم الحزب السوري القومي الاجتماعي".
ما "قبل الانفجار"
"الاستعراض محاولة ايحاء بأن الهاجس الأمني لا يزال قائماً وهناك قوى سياسية تمتلك أجهزة عسكرية أو شبه عسكرية تستطيع أن تؤثر على الاستقرار الأمني، ما يفرض الرضوخ إلى طلباتها" قال الحوت، مضيفاً: "الحل البديل هو الدولة وإلا فسنذهب إلى حرب أهلية، إذ من الممكن أن تواجه هذه الممارسات بممارسات شبيهة، ولا أعتقد أنّ أهل السنة والجماعة في لبنان جبناء عن أن يمارسوا هذه
الممارسة، لكن من الوعي أن اختاروا الذهاب باتجاه بناء الدولة لا باتجاه الدفع إلى حرب أهلية. هذا يستدعي من المسؤولين عن الطائفة السنية أو المسؤولين اللبنانيين سواء أن يعوا هذه الحقيقة قبل الانفجار، لأنه في نهاية الأمر مهما استطاع أهل السنة ضبط أنفسهم، كثرة الضغط تولد الانفجار وقد نصل إلى ما لا تحمد عقباه بسبب هذا النوع من الممارسات".
أسرار شبارو - النهار